قراءة بصرية في ميدان التحقيق البصري

يعتبر البعض أن الصحافة عملٌ جاف، لا يتعدى  كتابة التقارير، ولو أن كتابة التقارير بحد ذاتها أمرٌ عظيم ومهم. إلا أن الصحافة أعمق من ذلك بكثير. فوراء كلّ تقرير ينشر عمل طويل وجهدٌ كبير. الصحافة هي ساعات طويلة من التحقق،من التدقيق ومن البحث عن الحقيقة.  من هنا ولدت فكرة هذا اللوح التحقيقي، كي تكون الرؤية واضحة بأن تحصيل المعلومات والأدلة في العمل الصحفي ليس أمرًا عشوائيا ولا واهمًا بل هو جهد حقيقي وملموس يتطلب وقتًا وتركيز وجهد وتحقيق وثبات

خيوطٌ حمراء تربط الأدلة ببعضها، أخبار كاذبة  نشرت على مجموعات واتساب، وضعت جنبًا إلى جنب مع الحقيقة  في مقارنة بصرية تظهر حجم التضليل.صورٌ كثيرة جمعت بعناية كي تكون حجة وبرهان، وكي يتم الإستفادة منها لنشر الوعي وتحسين التفكير النقدي.   لم يكن هذا اللوح عبارة عن فكرة طبّقت، بل هو يأتي في صلب التحقيق وفي خضمٌ رحلة البحث عن أدلة. لأن التحقيق الصحفي ليس عبارة عن ساعة بحث، ولا يومًا ولا أسبوع. بل هو مسار يمتد إلى أيامٍ وشهور تنقّب فيه الحقائق وتطارد فبه الخيوط حتى تتنفّس الحقيقة الصعداء

لقطة مقرّبة

يبدأ التحقيق بالمراقبة، مراقبة كل تفصيل في عالم تداول الأخبار على مواقع التواصل
ثم جمع الأكاذيب والمعلومات الخاطئة،وربطها بالحقائق، ووضع علامات الاستفهام وعلامات التعجب

يُنسج الخيط الأحمر بين الأدلة، كخيوط تحكي قصة التضليل والصراع بين الحقيقة والوهم
هنا، في هذا اللوح التحقيقي، تتجلى ساعة الصفر لفك شفرة الأخبار الكاذبة.التحقيق هو عمل دؤوب يصنع الفرق بين الضلالة والوعي،ويدعو القارئ إلى التفكير النقدي، والتشكيك بكل ما يُنقل قبل تصديقه أو تداوله

ما قبل اللوح التحقيقي

كيف تم صنع اللوح التحقيقي؟

:المواد المستخدمة

-لوح خشبي متين بحجم كافٍ لتحمّل كل الأدلة البصرية

-Screenshots حقيقية من رسائل واتساب تم تداولها خلال الحرب

-دبابيس (Pins) لربط الخيوط بين الرسائل والمواضيع

-أوراق لاصقة (Sticky Notes) لكتابة الملاحظات والتعليقات التوضيحية

-أقلام تحديد (Markers) بألوان متعددة لتصنيف الأكاذيب، الشكوك، والتصحيحات

-خيط أحمر لربط النقاط وتحاكي أسلوب التحقيقات الجنائية

-رموز بصرية مثل شعار واتساب، إشارة تحذير، أو علامات استفهام


مرحلة اللوح التحقيقي

ما وراء الشكل: كيف صُنع بعمق؟

: الوقت

استغرق بناء اللوح أيامًا من التحضير، بين طباعة، قصّ، تثبيت، وتجريب أكثر من تنسيق حتى ظهر بشكله النهائي
:البحث
لكل لقطة شاشة قصة، ولكل قصة مصدر وسبب وانتشار
التجميع: أرشفة الرسائل وتحليل محتواها
الفرز:تصنيف الرسائل بين شائعات، أخبار مضللة، حقائق مشوّهة
الرسم والتحليل:استخدام الخيط الأحمر لتوصيل الرسائل بالمصادر، أو الأثر الذي أحدثته
اللمسات البصرية: اختيار الألوان، المواضع، والملاحظات لتكون اللوحة واضحة بصريًا ومشحونة بالرسائل

الفكر السليم بالبحث السليم

 المعلومات الكاذبة والتي تنشر عن قصد بدوافع متتعدة، يتم التجريم عليها في بعض الدول،مثل


POFMA في سنغافورة:قانون الحماية من الأكاذيب والتلاعب عبر الانترنت 
NetzDG
في ألمانيا: قانون تنفيذ الشبكة 
تم إصدار  هذا القانون في عام 2017، ويُلزم منصات التواصل بإزالة المحتوى غير القانوني، بما في ذلك الأخبار الكاذبة، خلال 24 ساعة من التبليغ، وإلا تواجه غرامات تصل إلى 50 مليون يورو. وتم تعديل  القانون في عام 2021 لتحسين تقارير الشفافية وتسهيل إجراءات الشكاوى.

 لعلّ هذا القانون الألماني من أبرز القوانين التي بحاجة إلى وجودها وتطبيقها في لبنان. فقوانين التجريم إن استخدمت بطريقة صحيحة وعادلة، قد تحد بنسبة كبيرة من المعلومات الكاذبة.
         

نعم..خبرٌ مضلّل تم كتابته في وقتِ فراغ للتلاعب بمشاعر الأفراد، كفيل بأن بعتبر جريمة. فالمحتوى الكاذب لا يكتفي بتشويه الحقائق بل قد يخلق واقعًا بديلًا